غزوة خيبر… وعدكم الله مغانم كثيرة 

سبب غزوة خيبر

لما اطمأن رسول الله ﷺ من أقوى فريق من الأحزاب ، وهو قريش، وأمن منه تماماً بعد صلح الحديبية أراد أن يتم الأمن والسلام بشكل كامل، ويفرغ المسلمون من الصراع الدامي المتواصل إلى تبليغ رسالة الله والدعوة إليه.

ولما كانت خيبر هي ومركز الاستفزازات العسكرية وإثارة الحروب على المسلمين، كان لزاماً على المسلمين القضاء على خطرهم لنشر الدعوة.

متى وقعت غزوة خيبر؟

وقعت غزوة خيبر في المحرم من السنة السابعة للهجرة كما نقل ابن إسحاق، أي بعد عام وبضعة أشهر تقريباً من غزوة الأحزاب.

خروج جيش المسلمين إلى خيبر

• لما أراد النبي ﷺ الخروج إلى خيبر أعلن أنه لن يخرج معه إلا من يرغب في الجهاد فبلغ عدد الجيش ألف وأربعمائة مقاتل وأمَّر على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري.

• وتحرك الجيش من المدينة إلى خيبر وكان مراد المسلمين أن يدخلوا خيبر من الشمال فيقطعوا على اليهود طريق هروبهم إلى الشام.

• وأثناء سير الجيش كان الصحابة يرفعون أصواتهم بالتكبير والتهليل، فقال لهم رسول الله ﷺ: "أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً، إنما تدعون سميعاً قريباً" 

• ونزل جيش المسلمين ليلاً بمكان قريب من خيبر، لا تشعر بهم اليهود، وكان عادة النبي ﷺ إذا أتى قوماً بليلٍ لم يقربهم حتى يُصبح.

• فلما أصبح صلى الفجر وركب المسلمون، فخرج أهل خيبر بمساحيهم ومكاتلهم، ولا يشعرون بل خرجوا لأرضهم، فلما رأوا الجيش فروا هاربين إلى المدينة وهم يقولون: "محمد والله محمد والخميس"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر، خربت خيبر، الله أكبر خربت خيبر. إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذَرين"

• ولما دنا من خيبر قال ﷺ: "قفوا" فوقف الجيش فقال: "اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، فإنا نسألُك خير هذه القرية، وخير أهلها، ونعوذ بك من شر هذه القرية، وشر أهلها، وشر ما فيها، أقدموا بسم الله".

استعداد يهود خيبر

• لما جهز النبي ﷺ الجيش للخروج، أرسل زعيم المنافقين عبد الله بن أُبي إلى يهود خيبر: أن محمداً قصد قصدكم وتوجَّه إليكم، فخُذُوا حذركم ولا تخافوا منه، فإن عددكم وعدتكم كثيرة، وقوم محمد شرذمة قليلون، عُزَّل لا سلاح معهم إلا قليل.

• فلما علم أهل خيبر بذلك أرسلوا إلى غطفان يستمدونهم لقتال المسلمين ووعدوهم بنصف ثمر خيبر، ولكن تخطيط المسلمين لدخول خيبر من الشمال حال بين غطفان وبين اليهود فلم يُنجدوهم.

حصون خيبر

كانت خيبر منقسمة عسكرياً إلى شطرين:

شطر به خمسة حصون وهم:

1. حصن ناعم.
2. حصن الصعب بن معاذ.
3. حصن الزبير.
4. حصن أبي.
5. حصن النزار.

وشطر به ثلاثة حصون وهم:

1. حصن القموص (حصن بني أبي الحقيق من بني النضير).
2. حصن الوطيح.
3. حصن السلالم.

أحداث المعركة

• لما كانت ليلة دخول خيبر، قال رسول الله ﷺ: " لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله" وفي الصباح كانت من نصيب علي بن أبي طالب، فقال للنبي ﷺ: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال ﷺ: "انفذ على رسلك: حتى تدخل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يَهدي اللهُ بِك رجلاً خير لك من حُمر النِّعم"

تساقط الحصون

• بدأ المسلمون بالتحرك نحو الشطر الذي به خمسة حصون وكان أولها حصن ناعم وهو أول خط دفاع لليهود، ولما وصل الجيش، خرج إليهم علي بن أبي طالب يدعوهم للإسلام فرفضوا، ثم خرج أحد اليهود يُدعى مرحْب وطلب المبارزة، فخرج إليه عامر بن الأكوع رضي الله عنه فاستُشهد، وأعاد مرحْب طلبه للمبارزة، فخرج له علي بن أبي طالب فقتله، فخرج من اليهود ياسر أخو مرحب يدعوا للبراز، فخرج إليه الزبير، فقال صفية: ا رسول الله، يقتل ابني، قال: "بل ابنُك يقتله"، فقتله الزبير.

• ودام القتال في هذا الحصن عدة أيام لاقى فيها المسلمون مقاومة منيعة من اليهود، إلى أن سقط الحصن وتسلل اليهود للحصن الذي يليه وهو حصن الصعب بن معاذ، وتوالى سقوط حصن الشطر الأول من المدينة واحداً تلو الآخر، يحاصره المسلمون بضعة أيام ثم يفتحه الله عليهم، إلى أن سقطت الحصون الخمسة.

• وكان فتح الشطر الثاني سهلاً على المسلمين إذ قيل في أكثر الروايات أنه فُتح بالسلم ولم يقع قتال يُذكر بعد حصار دام أربعة عشر يوماً.

المفاوضة مع اليهود

• وأرسل ابن أبي الحُقَيْق إلى رسول الله ﷺ: أنزل أكلمك؟ قال: "نعم"، فنزل، وصالح على حقن دماء مَنْ في حصونهم من المقاتِلة، وترك الذرية لهم، ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم، ويخلون بين رسول الله ﷺ وبين ما كان لهم من مال وأرض، وعلى الصفراء والبيضاء - أي الذهب والفضة - والكُرَاع والحَلْقَة إلا ثوبًا على ظهر إنسان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وبرئت منكم ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتموني شيئًا" وبعد هذه المصالحة تم تسليم الحصون إلى المسلمين، وفتح الله على المسلمين خيبر.

• وبعد المصالحة نقض ابنا أبي الحقيق العهد مع رسول الله ﷺ حيث غيًبا مالا كثيراً وحُلي منها ما هو لحيي بن أخطب، ومما ذكره ابن إسحاق: وأتى رسول الله ﷺ بكِنَانة الربيع، وكان عنده كنز بني النضير، فسأله عنه، فجحد أن يكون يعرف مكانه، فأتى رجل من اليهود فقال: إني رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة، فقال رسول الله ﷺ لكنانة: "أرأيت إن وجدناه عندك أأقتلك؟"، قال: نعم، فأمر بالخربة، فحفرت، فأخرج منها بعض كنزهم، ثم سأله عمَّا بقي، فأبى أن يؤدِّيَه، فدفعه إلى الزبير، وقال: عذِّبه حتى نستأصل ما عنده، فكان الزبير يقدح بزند في صدره حتى أشرف على نفسه، ثم دفعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى محمد بن مسلمة، فضرب عنقه بمحمود بن مسلمة (وقد كان محمود يستظِل تحت جدار حصن ناعم، فألقى عليه الرحى فمات).

نتائج غزوة خيبر

• استُشهد من المسلمين في غزوة خيبر ثمانية عشر رجلاً وقيل تسعة عشر، وقُتل من اليهود ما يزيد على التسعين.

• انتهى القتال في غزوة خيبر، وسبى الرسول ﷺ صفية بنت حيي بن أخطب وكانت تحت كنانة بن أبي الحقيق، ثم أعتقها وتزوجها ﷺ.

•  وغنم المسلمون غنائم كثير في غزوة خيبر، واقترح اليهود على رسول الله ﷺ بدل أن يُجليهم من خيبر، أن يُبقيهم فيها يزرعون ويكون للمسلمين نصف المحصول فوافق النبي ﷺ على ذلك إذ لم يكن للمسلمين كثرة فائضة تنتقل من المدينة إلى خيبر لعمارها.

• القضاء على خطر اليهود وقوتهم العسكرية في جزيرة العرب.